الارشيف / اهم الاخبار

لم يقاطعها المصريون .. شركة في مصر استغلت الحرب في غزة وتضاعفت أرباحها بسبب ما فعلته بشكل جنوني!

عدن - كتبت هبة الوهالي - لم تمضِ بضعة أيام على بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلا وانطلقت في الكثير من الدول العربية والإسلامية حملات كبرى لمقاطعة المنتجات العالمية التي تُجاهر صراحة بدعم الاحتلال الإسرائيلي، على رأس هذه الدول جاءت مصر التي شهدت مقاطعة شعبية واسعة للعديد من العلامات التجارية العالمية، ونداءات لدعم المنتجات المحلية وتوفير البدائل.

طالت حملات المقاطعة الكثير من المنتجات الشهيرة، على رأسها سلسلة مطاعم الوجبات السريعة "ماكدونالدز" التي انهارت مبيعاتها في مصر بنسبة 70% خلال شهرَيْ أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني مقارنة بالعام الماضي، بينما تعرضت سلسلة مقاهي "ستاربكس" العالمية لتراجع حاد في الإقبال على منتجاتها، دفعها إلى تسريح عدد من العمالة والموظفين في فروعها المختلفة. وبالتأكيد كانت شركات المشروبات الغازية العالمية الشهيرة وعلى رأسها "كوكاكولا" و"بيبسي" على رأس قائمة المنتجات التي طالتها المقاطعة (1).

ومع نداءات توفير البدائل للمنتجات العالمية، ظهرت في الأسواق المصرية العديد من المنتجات المحلية في مختلف القطاعات، التي لاقت دعما شعبيا بغض النظر عن مستوى جودتها، وكان من بين هذه المنتجات المحلية منتج عريق جاء من الماضي البعيد وأثار جدلا كبيرا بين المصريين، من المفترض أنه يقدم بديلا جيدا للمشروبات الغازية العالمية، ولكن كان لديه مشكلة بسيطة، وهي أن المصريين لا يستطيعون -غالبا- نُطق اسمه!

في عام 1920، وفي الوقت الذي كانت فيه مصر المحروسة تحتفل بميلاد وليّ العهد "فاروق الاول"، الابن الوحيد للملك فؤاد والملكة نازلي، ومع توزيع الهدايا والمأكولات والمشروبات المجانية على عموم الشعب ابتهاجا بميلاد ملك البلاد القادم، كان من بين هذه المشروبات مشروب غازي يبدو جديدا في السوق المصري يحمل اسم "سبيروسباتس"، الذي لاقى قبولا جيدا من الناس.

للوهلة الأولى، يبدو اسما غريبا عصيّا على النطق، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة للمصريين آنذاك، حيث كانت مصر تعج وقتها بالجاليات الأجنبية من مختلف الجنسيات. لم يكن من الصعب على المصريين معرفة أن هذا الاسم يعود إلى "الخواجة" اليوناني "سبيروسباتس" الذي أطلق مشروبه الغازي الأول الذي يحمل اسمه في السوق المصري. كان "الخواجة" في ذلك الوقت قد تجاوز الخامسة والثلاثين من العمر، وقد مرَّ برحلة كفاح أوصلته إلى إنتاج هذا المشروب.

وُلد "سبيرو" عام 1885، وجاء إلى مصر وهو في سن الخامسة عشرة، وتعلم في المدارس المصرية التي كانت تضم أعدادا كبيرة من الأجانب بمختلف الجنسيات. قبل أن يأتي إلى مصر، عمل الصبيّ اليوناني في مناحل العسل في جزيرة كاليفورنيا المحلية، وهو ما سيؤثر بشدة على تصوراته المستقبلية، وسيجعله يضع شعار "النحلة" على مشروبه الغازي للأبد. في عام 1909، كان الشاب يعمل في المصنع الصغير الذي يملكه عمه "نيكول سباتس" للمشروبات الغازية، مما جعله يتشرّب الصنعة ويتقن كل مراحل إنتاج المشروبات، وأكسبه خبرة كبيرة في مجال التصنيع، وأطلق طموحه الشخصي لإنشاء مشروب غازي مُبتكر.

منذ إطلاق مصنعه عام 1920 في شارع خليج الخور المتفرع من شارع عماد الدين بمنطقة وسط القاهرة، وبشعار "النحلة" المميزة الذي أصرّ سباتس أن يكون هو الشعار الرسمي للمشروب الغازي بجانب اسمه، بدأ مشروب "سبيروسباتس" يلقى رواجا كبيرا في السوق المصري بين جميع الأوساط الشعبية والجاليات الأجنبية كذلك. ومع التنوّع في نكهاته، حقق المشروب انتشارا واسعا خلال السنوات اللاحقة، لدرجة أنه حصل على ميدالية الملك فاروق في المعرض النوعي الثاني للصناعات الذي أُقيم عام 1941 بوصفه أفضل منتج محلي في مجال المشروبات الغازية -أو الكازوزة كما كان يُطلق عليها آنذاك- متفوقا على عشرات المصانع الأخرى المنافسة في هذا المجال.

ازدهر المشروب ازدهارا كبيرا في مصر الملكية، وأصبح من الصناعات الوطنية المصرية التي تلقى تشجيعا حكوميا، لدرجة أن القصر الملكي أجرى تعاقدا لتوريد احتياجاته من مشروبات "سبيروسباتس". هذا الازدهار أدى إلى نمو المصنع الذي اتسع ليشمل مئات العمال، وأكثر من 20 سيارة لتوزيع المنتجات في جميع المحافظات المصرية -وهو ما يُعَدُّ أسطولَ سيارات كبيرا في ذلك العصر- فضلا عن استخدام السكك الحديدية لتوصيل المنتج إلى المناطق البعيدة في جنوب مصر.

Advertisements
Advertisements