باسل النجار - القاهرة - الثلاثاء 10 يونيو 2025 11:26 مساءً - في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إلغاء الضوابط التي فرضتها إدارة جو بايدن على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة، في ما وصفه مراقبون بـ"تحوّل استراتيجي" يعكس رغبة واشنطن في استعادة موقعها القيادي في سباق التكنولوجيا العالمي، لا سيما في مواجهة التصاعد الصيني في هذا القطاع الحيوي.
القرار، الذي أعلنه ديفيد ساكس كبير مستشاري الرئيس لشؤون الذكاء الاصطناعي، اعتُبر من قبل دوائر اقتصادية محافظة بمثابة إعلان نهاية "قاعدة بايدن"، والتي قال ساكس إنها أضعفت قدرة الشركات الأمريكية على نشر التكنولوجيا في الخارج، مانحة الصين فرصة للتوسع والنفوذ.
تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.. سلاح المستقبل
بحسب تقرير لمجلة "فورين بوليسي"، فإن هذه الخطوة تأتي في وقت حرج، حيث أصبحت التكنولوجيا الرقمية - من الحوسبة السحابية إلى الأقمار الصناعية - جزءاً لا يتجزأ من النفوذ الجيوسياسي العالمي. ومع توجه دول مثل السعودية والبرازيل وإندونيسيا نحو تحديث بنيتها التحتية الرقمية، تتزايد الحاجة إلى شريك تكنولوجي موثوق.
في الماضي، فشلت واشنطن في تقديم بدائل واقعية أمام هيمنة شركات صينية كـ"هواوي" في شبكات الجيل الخامس، وهو خطأ يبدو أن الإدارة الجديدة تسعى لتجنّبه مع صعود الذكاء الاصطناعي كجبهة تنافسية جديدة.
الهيمنة التقنية قائمة.. ولكن!
ورغم التحديات، لا تزال الولايات المتحدة تتصدر المشهد التكنولوجي العالمي:
تستحوذ على حوالي 70% من سوق الحوسبة السحابية.
تقود صناعات الرقائق، الذكاء الاصطناعي، والفضاء، بفضل عمالقة مثل أمازون، مايكروسوفت، إنفيديا، وسبيس إكس.
لكن، بحسب التقرير، فإن هذه القوة لا تضمن التفوق ما لم تُترجم إلى سياسات مرنة، وتمويل فعال، ودبلوماسية رقمية مدروسة.
دعوة لإعادة هيكلة "الدبلوماسية الرقمية"
يشير التقرير إلى وجود أدوات تمويل مثل مؤسسة DFC وبنك EXIM، لكن هذه المؤسسات مقيدة بقيود بيروقراطية وسقوف إقراض لا تواكب حجم المشاريع الرقمية الحديثة. واقترح الخبراء رفع سقف تمويل DFC إلى 100 مليار دولار، وتحديث شروط EXIM لتكون أكثر مرونة وتسمح بإدخال مكونات الحلفاء ضمن قواعد الإنتاج.
كما دعا التقرير إلى تدريب دبلوماسيين بتخصصات تقنية وتوسيع حضور الولايات المتحدة في الأسواق الناشئة من خلال مكاتب تجارية قادرة على التفاوض التقني.
شراكات وتحالفات.. بديل للهيمنة الصينية؟
واقترح الخبراء بناء شراكات مخصصة مع الدول النامية، تتضمن تقديم حلول في مجالات مثل الاتصال السريع، مراكز البيانات، والذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومي، على أن تكون هذه الشراكات مشروطة بضمانات للأمن السيبراني وحماية الملكية الفكرية.
كما شدد التقرير على أهمية بناء تحالفات جديدة، مثل التعاون مع اليابان في نشر شبكات Open RAN في آسيا، ومع الاتحاد الأوروبي لربط أفريقيا بكابلات بحرية، إلى جانب الهند والنرويج كحلفاء محتملين لمواجهة النفوذ التقني الصيني.
هل تقود أمريكا الجولة المقبلة؟
التقرير خلص إلى أن السباق نحو السيطرة على البنية التحتية الرقمية الاستراتيجية دخل مرحلة مفصلية. فبينما تملك الولايات المتحدة الأدوات والموارد، لا تزال تفتقر إلى رؤية متكاملة توظّف هذه القوة في إطار جديد للقيادة الرقمية العالمية.
وإذا كان إلغاء "قاعدة بايدن" يمثل الخطوة الأولى، فإن الأيام القادمة كفيلة بالكشف عمّا إذا كانت واشنطن مستعدة حقًا لقيادة العالم في عصر الذكاء الاصطناعي، أم أن المنافسة ستحسمها الرؤية الأوضح والخطوات الأسرع.
للمزيد تابع الخليج 24 على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك