- سيف الحموري - الكويت - الاثنين 25 أبريل 2022 06:52 مساءً - نطالب بأن يتم ترميم المحلات التي لا يتجاوز تضررها من حريق سوق السلاح نسبة 50% لا إزالتها
- يجب الحفاظ على الإرث التاريخي للكويت والمباركية أصبحت منذ زمن معلم جذب سياحي
- قيمة السوق المعنوية تفوق الأرباح.. ويجب إعادة المحلات للمستثمرين لها منذ أكثر من قرن
بشرى شعبان
طالب د.ناصر العمار بعدم إزالة ما يمكن الإبقاء عليه من المحال المتضررة من حريق سوق السلاح الأخير الذي ضرب قلب المباركية، هذا المعلم التاريخي الذي تحول نقطة جذب سياحية على المستوى الخليجي والعربي، داعيا إلى ترميم أي محل نجا منه 50% حتى يحتفظ برونقه وشكله التراثي. واستعرض العمار في لقاء مع «الأنباء»، بعد إصداره مؤخرا الجزء الثاني من كتاب «عماريات» الذي تصادف خروجه إلى النور مع حريق المباركية الذي أدمى القلوب، وكانت المصادفة الغريبة أن أول مقالاته بعنوان «الأفكار العبقرية لإزالة المباركية»، استعرض بألم وحرقة بعض ما شاهده من حريق بعض أسواق سوق المباركية، مشيرا إلى انه بصفته مستثمرا لعدة محلات موروثة عن جده وشاهد على سوق وقف عصيا على الغدر الصدامي فإن الهم الذي يقلقه وأقرانه من أصحاب المحلات هو خشية القضاء على هذا المعلم التاريخي. وأكد العمار خلال اللقاء أن المنطقة التي حصل فيها الحريق هي أفضل مكان تاريخي ولا يقدر بثمن، مستعرضا بعض المراحل التي مر بها السوق قبل الحريق، والتي بدأت في العام 2013 بتبليغ المستثمرين في السوق بإشعار حضور الى إدارة أملاك الدولة، ثم مرحلة تبليغ أخرى من البلدية في العام 2019. كل هذه الأمور مع تفاصيل أخرى في السطور التالية:
بداية، هل ستتم إعادة بناء الأجزاء المحترقة من سوق المباركية بالأسلوب السابق نفسه؟
٭ أعتقد أن هذا ما سوف يحصل، لا سيما أن الخرائط موجودة والتصاميم محسوبة، ولكن لن يستطيعوا ان يعيدوا الباسجيل والجندل وصخر البحر، لن نستطيع إعادة التاريخ.
ولكن أود الإشارة هنا إلى أن فكرة إزالة سوق المباركية بدأت في العام 2013 عندما تم إخطار أصحاب المحلات بإشعار حضور إلى إدارة أملاك الدولة، هذا الاشعار تم توجيهه لأصحاب المحلات في شهر 4/2014، وإشعار الحضور مسجل عليه عنوان المحل ورقم المحل وتبعيته لأي موقع، وبموجبه نحضر إلى إدارة أملاك الدولة ونكتب تعهدا بالإخلاء خلال شهر، وذلك تمهيدا للهدم. نحن حاولنا مع الجهات المعنية واستعطفناهم لإيقاف الهدم والأسباب ليست بسبب تأثر مصالحنا، بل الحفاظ على المعلم التاريخي، لاسيما ان في ذلك التاريخ أي عام 2013/2014 لم يكن للسوق القيمة المادية الحالية نفسها، ولكنه محافظ على قيمته المعنوية. وكان آنذاك هذا السوق المعروف بسوق السلاح مغمور عند الناس وليس بالموقع الذي يستهوي الزوار، الذين تستهويهم أسواق أخرى من المباركية.
وأشير هنا إلى أن سوق السلاح وسوق الصفافير هذين السوقين تحديدا يشهدان على حمل الصخر من البحر والباسجيل والجندل، حيث تم إعمارهما منذ أكثر من 120 سنة، وهذا ما تقوله الوثائق ومنها وثيقة موقعة في 14 فبراير عام 1914 عن بيع أحد المحلات، وعليها شهود جدي من أبي وجدي من أمي. وفي هذا الوقت كتبت عدة مقالات عن الموضوع ومنها مقالة موجهة للمجلس الوطني للثقافة والفنون تحت عنوان «أنقذ الذي فلت من حقد وكراهية صدام»، نشرت في 1/11/2013 بعد ورود الإشعار، حيث طالبت من خلال هذا المقال بوقف قرار الهدم واستغربت أن يأتي القرار بعد ان قامت البلدية بتجميل السوق بإشراف الشيخة أمثال الأحمد والحقيقة بذلوا جهدا كبيرا لوضع السوق على الخريطة السياحية في الكويت وان يبقى السوق معلما من المعالم التاريخية والوطنية ونجحت البلدية في إبراز هذا السوق، وفوجئنا به بعد ما خط لنفسه خريطة سياحية في الكويت. وقد توجت جهودنا آنذاك بإيقاف الهدم 2013/2014.
كان هناك تجمع لأصحاب المحلات أين هو اليوم؟
٭ التجمع بعد أن نجح في إيقاف الهدم عبر اللجوء إلى أهل الكويت والجهات المسؤولة والمعنية وبعد النجاح توقف النشاط، ولكن بعد مرور 5 سنوات فوجئنا وتحديدا في 21/10/2019 بأن البلدية تقول عبر ملصقات على المحلات إن هذا العقار خاضع لإجراء تنظيمي والإجراء التنظيمي يتم بإزالة هذه المواقع وللأسف هذه الملصقات كانت على المحلات التي تعرضت للحريق بالكامل وهي ممسوحة بالأرض.
ومن هنا نقول هذه المعالم التاريخية أثمنها وأفضل مواقع فيها تحمل بصمة الهوية الكويتية هي ذاتها اليوم التي حرقت ومسحت تماما، ويبقى السؤال هنا برسم المعنيين.
وأذكر هنا أنه كانت هناك حادثة بعد لاصق إنذار الإخلاء للإزالة، حيث جاء أشخاص إلى السوق وطلبوا منا إخلاء المحلات بحجة انهم اشتروا السوق ويقولون نحن نريد ان نبني مجمعات ونحن من يقرر أن ترجعوا ووفق القيمة الإيجارية التي نحن نضعها، وبعد التحقق من الأمر طلع غير صحيح ولم يتم تخصيص العقار إلى أي جهة، إنما شخص لديه خطة انه يسعى مع آخرين لشراء الأرض والجزء المحدد بإشعار أملاك الدولة وملصقات البلدية، وهذا يربط الأحداث ببعضها البعض وتم أيضا إيقاف هذا الأمر بعد مراجعتنا للمعنيين وتقديم شكوى في مجلس الأمة.
وهنا أريد ان أذكر انه في عام 2018 كنت أتكلم في مقالات عن الأفكار العبقرية لإزالة سوق المباركية وأتكلم كنوع من الخوف ما بين مرحلة وأخرى احذر من عودة هؤلاء الناس وانبه الجهات المعنية عبر مقالة كتبتها أقول فيها «يا جماعة الخير هذه المحلات والمعالم حافظوا عليها حافظوا على السوق وقيمته التراثية والتاريخية».
إدارة السوق
كيف كانت تدار السوق؟
٭ هناك وثيقة تظهر ان إدارة أملاك الدولة اتفقت مع شركة عقارية كانت تستثمر في الأسواق على تسليم المباركية نهائيا وبالتالي انتهاء عقد بتاريخ 28/2/2017 ومن هذا التاريخ انتهت علاقة الشركة مع وزارة المالية. وهناك شركة مجمعات الأسواق كانت تدير هذا السوق والذي هو عبارة عن 3 مواقع المجموعة الأولى أملاك الدولة، الموقع الثاني أملاك لتجار وهي عبارة عن مجموعة بيوت لتجار، هذه البيوت تحولت إلى أسواق، والمجموعة الثالثة هي «وقف». هذا هو سوق المباركية اليوم، المقصود هنا القسم المحروق ويعود إلى (أملاك الدولة، تجار وأوقاف).
وأشدد هنا على أن اختلاف الملكية قد يضعنا في صعوبة بالغة في مرجعيتنا وبالتالي نحن كمستثمرين للمحلات نكلم مين؟ أنا كصاحب محلات لدي محلات تتبع أملاك الدولة وأخرى تتبع الوقف وهنا تكمن الصعوبة، فمن الممكن كل جهة تأخذ قرارا مختلفا عن الآخر ونحن نضيع فيما بينهم البعد التاريخي.
ماذا عن البعد التاريخي والقيمي للموقع؟
٭ الحقيقة تكلمت في عدة مقالات عن البعد التاريخي في سوق المباركية وأركز فيها على ان أهمية المباركية ليست في وضعها الاقتصادي والتجاري، نعم وصلنا لمرحلة اصبح هذا السوق قبلة السواح ويعتبر من الأسواق الجيدة والممتازة في حركة البيع ونسبة أرباح يحققها أصحاب المحلات، ولكن قبل هذا كله السوق قيمة معنوية تفوق قيمة الأرباح ونسبة الأرباح وهذه القيمة المتعلقة بالإرث والمعالم التاريخية التي لا تقدر بثمن، وكنا نصرخ بضرورة المحافظة عليها للأسف اليوم تدمرت أمام أعيننا ولا ندري كيف ستتعامل الدولة مع القضية. نحن خسرنا أرزاقنا ولذلك نقول ليس نحن كمستثمرين منذ أكثر من 100 عام توارثه الآباء والأبناء من الأجداد ليس نحن من خسر فقط بل كل كويتي يهتم بتاريخ ومعالم الكويت التاريخية.
أصحاب المحلات
كأصحاب محلات ما الخطوات للحفاظ على حقكم المادي والمعنوي؟
٭ الحفاظ على حقي المادي بالحفاظ على ما تبقى من المحلات التي طالها الحريق، فالمحلات التي تضررت بنسبة 50% المطلوب الحفاظ على الـ 50% المتبقية أما التي تعرضت لأضرار 100% فعزاؤنا في إعادة بناء المحلات التي تحاكي بتصميمها الجديد التصميم القديم مثل أسواق متواجدة في عدد من دول الخليج.
وأنا أناشد كل إنسان والجهات المعنية من جمعيات نفع عام المعنية بالتراث وكذلك المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الذي حقيقة قام مشكورا بمسعى جيد لنقل هذه الأسواق التي تعرضت للحريق إلى المجلس ولكن للأسف لم يتم نقلها إليه، علما أن هناك محاولات كثيرة ومراسلات بنقلها إلى المجلس أسوة بسوق التمر وسوق الجد، حيث تم انتقالهم الى المجلس وهم من ضمن أسواق المباركية ولكن للأسف «سوق السلاح وسوق الصفافير وسوق البوالطوا» لم يتم نقلها بل كان العمل جاريا لنقلها لكن سبقهم الحريق مع الأسف وقضى على هذه الأماكن. الآن نتمنى على المجلس الوطني ان يستعجل بضم هذه الأسواق تحت مظلته وهو الجهة الأعلم في كيفية إعادة السوق بملامحه التاريخية ولو كانت مستحدثة تحاكي الماضي.
تحركات المستثمرين
هل من تحركات تحضرون لها كمستثمرين؟
٭ نعمل على تجميع أنفسنا في مجموعة للعمل على إعادة الأسواق، وفي البداية ستكون هناك مناشدة للقيادة السياسية وهذه المناشدة ليس وراءها هدف مادي بإرجاع المحلات لنا للبيع، بل الهدف هو المحافظة على ما تبقى من التراث الذي الآن قدرت المطافئ نسبة التدمير فيه 50% ان يتم المحافظة على الـ 50% المتبقية وترميمها بالشكل الذي يحافظ على المعنى الحقيقي لهذا المعلم التاريخي.
كذلك تتضمن المناشدة إعادة الأسواق بعد بنائها الى أصحابها المستثمرين الذين توارثوها عن أجدادهم، جميع المستثمرين أخذوا المحلات أجدادهم وليس آبائهم وهذا ما تثبته الوثائق واننا على يقين ان القيادة السياسية حريصة على مصلحة وتاريخ والإرث التاريخي للبلد ومن ثم أيضا مصلحة الذين تعرضوا لضرر مادي كبير. وأختم كلامي بأننا شعرنا بألم كبير من مشهد الحريق والجرافات تجرف تاريخنا وأرزاقنا التي تحولت رمادا، إنه شيء حزين أدمى قلوبنا.