الثلاثاء 11 فبراير 2025 09:27 صباحاً - متابعة- بتول ضوا
في خطوة تاريخية نحو فهم الحضارات القديمة، نجح فريق من العلماء في فك رموز جزء من مخطوطة هركولانيوم المحترقة، والتي تعود إلى ما يقرب من 2000 عام. هذه المخطوطة، التي كانت جزءًا من مجموعة كبيرة دُفنت تحت الرماد البركاني بعد ثوران جبل فيزوف في عام 79 ميلادي، تم حفظها في مكتبات بودليان بجامعة أكسفورد. باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتصوير المتقدم، تمكن الباحثون من استعادة نص كان يعتبر غير قابل للقراءة.
كانت المخطوطة، المعروفة باسم PHerc. 172، في حالة هشة لدرجة أن أي محاولة لفتحها يدويًا كانت ستؤدي إلى تدميرها. هنا جاء دور التكنولوجيا الحديثة، حيث استخدم فريق “تحدي فيزوف” تقنيات التصوير بالأشعة السينية والتعلم الآلي لتحسين وضوح الحبر على اللفائف المتفحمة. هذه التقنيات سمحت للباحثين برؤية النص دون الحاجة إلى لمس المخطوطة، مما حفظها من التلف.
من بين أولى الكلمات التي تم فك رموزها كانت الكلمة اليونانية القديمة “διατροπή”، والتي تعني “الاشمئزاز”. هذه الكلمة ظهرت مرتين في النص، مما يشير إلى موضوعات قد تكون متعلقة بالفلسفة أو الأدب اليوناني القديم. هذا الاكتشاف ليس فقط إنجازًا تقنيًا ولكن أيضًا نافذة جديدة على الثقافة والفكر القديم.
أكد ريتشارد أوفندين، مدير مكتبات بودليان، أن التقدم في تقنيات الذكاء الاصطناعي والتصوير قد مكن العلماء من استكشاف نصوص كانت غير مرئية لقرون. هذه التقنيات لا تقوم بفك الشفرة بشكل مباشر، ولكنها تعمل على تحسين قابلية قراءة النصوص، مما يسهل على العلماء البشر مهمة الترجمة والتفسير.
على الرغم من النجاحات الأولية، لا يزال هناك الكثير من العمل المطلوب. الباحثون يعملون على تحسين أساليبهم البرمجية لقراءة المزيد من النصوص المخفية داخل المخطوطة. كما أن تحديد التركيب الكيميائي الدقيق للحبر، الذي قد يحتوي على عناصر مثل الرصاص، سيكون مفتاحًا لفهم أفضل لكيفية بقاء هذه النصوص محفوظة عبر الزمن.
هذا المشروع ليس فقط إنجازًا في مجال التكنولوجيا والعلوم، ولكنه أيضًا جسر نحو الماضي، يسمح لنا بفهم أفضل للحضارات التي شكلت عالمنا اليوم. مع استمرار التقدم في هذه التقنيات، يمكننا أن نتوقع المزيد من الاكتشافات التي ستغير فهمنا للتاريخ القديم.