الارشيف / اخبار الخليج / اخبار الكويت

المسيحيون والمسلمون: المشاركة في الأفراح والأحزان.. بقلم: المطران يوجين مارتن نوجينت


سيف الحموري - الكويت - الخميس 14 أبريل 2022 07:48 مساءً - كما نعلم جميعا، فقد تسببت جائحة «كوفيد-19» في مقتل ملايين الاشخاص حول العالم، بمن في ذلك بعض أفراد عائلاتنا. كما مرض آخرون وتم شفاؤهم، ولكنهم عانوا الكثير لفترة طويلة من عواقب العدوى. وبينما تحتفلون بشهر رمضان الذي يختمه عيد الفطر، فإن أفكارنا تتجه بالامتنان إلى الله القدير الذي بعنايته حفظنا جميعا سالمين، كما نصلي بحزن من أجل الموتى، وبرجاء من أجل المرضى.

لقد جذبت الجائحة وآثارها المأساوية على كل جانب من جوانب الحياة البشرية انتباهنا مجددا الى بعد مهم من أبعاد الحياة: المشاركة؛ لهذا السبب اعتقدنا أنه من المناسب أن نتناول هذا الموضوع في الرسالة التي يسعدنا توجيهها الى كل واحد منكم وإليكم جميعا.

نتشارك جميعا في عطايا الله: الهواء والماء والحياة والغذاء والمأوى وثمار تقدم الإنسان في المجالات الطبية والدوائية ونتائج تقدم العلوم والتكنولوجيا في مختلف المجالات وتطبيقاتها والاكتشاف المستمر لأسرار الكون... إن إدراك طيبة الله وكرمه يملأ قلوبنا بالامتنان تجاهه تعالى، ويشجعنا في الوقت نفسه على تقاسم هباته مع إخوتنا وأخواتنا الذين هم في أي نوع من أنواع الاحتياج. إن الفقر والظروف المحفوفة بالمخاطر التي يجد العديد من الاشخاص انفسهم فيها، بسبب فقدان الوظائف والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بالجائحة، تجعل واجبنا في المشاركة اكثر إلحاحا.

يكمن الدافع الأعمق للمشاركة في إدراكنا اننا جميعا، وكل ما لدينا، عطايا من الله، ونتيجة لذلك علينا ان نضع مواهبنا في خدمة جميع إخوتنا وأخواتنا، وان نتقاسم معهم ما بين أيدينا.

إلا أن المشاركة لا تقتصر على الخيرات المادية، بل هي قبل كل شيء مشاركة أفراح وأحزان بعضنا البعض، والتي هي جزء من كل حياة بشرية.

من التعاطف تنبع المشاركة في المواقف والمشاعر خلال الاحداث الهامة، سعيدة كانت أو حزينة، لأقاربنا واصدقائنا وجيراننا، بمن فيهم أولئك المنتمون إلى أديان أخرى، تصبح أفراحهم أفراحنا، وأحزانهم أحزاننا أيضا.

من بين الافراح المشتركة ولادة طفل والشفاء من مرض والنجاح في الدراسة والتوفيق في الوظائف او الاعمال والعودة الآمنة من سفر ومناسبات أخرى، بالتأكيد، هناك ايضا فرح خاص بالمؤمنين: الاحتفال بأعيادهم الدينية الكبرى. عندما نزور اصدقاءنا وجيراننا من أتباع الديانات الأخرى أو نهنئهم في تلك المناسبات، فإننا نشاركهم فرحتهم بالاحتفال بعيدهم، دون أن يعني هذا تبني البُعد الديني للمناسبة التي يحتفلون بها وكأنه خاص بنا.

ومن بين الاحزان المشتركة، في المقام الاول، وفاة شخص عزيز ومرض احد افراد الأسرة وفقدان الوظيفة وفشل مشروع أو عمل تجاري وأزمة في الاسرة ينتج عنها احيانا تفككها. من الواضح اننا بحاجة إلى التقارب والتضامن مع أصدقائنا في أوقات الأزمات والحزن أكثر منه في أوقات الفرح والسلام.

نأمل، أيها الاخوة والاخوات المسلمون الأعزاء، ان نستمر في مشاركة جميع جيراننا واصدقائنا افراحهم واحزانهم، لأن محبة الله تشمل البشرية جمعاء والكون بأسره.

وعلامة على إنسانيتنا المشتركة والاخوة الناتجة عنها، نتمنى لكم شهر رمضان يعمه السلام، واحتفالا بهيجا بعيد الفطر.

المطران يوجين مارتن نوجينت

السفير البابوي في الكويت

Advertisements
Advertisements