باسل النجار = الرياض في السبت 1 مارس 2025 01:18 صباحاً - وائل لطفي يكتب في ذكري :
حسين السيد إسماُ ! السيد شعراً !
دخل الشاب الوسيم في حضرة(عبدالوهاب) الموسيقار العظيم ! والمخرج الكبير (محمد كريم) ! وكله أمل ان يبدأ مشواره الفني في التمثيل بدور في فيلم (يوم سعيد) وبينما هو في الانتظار وجدهما يتناقشان في حاجتهما الشديدة علي وجه السرعة لأغنية تعبر عن شوق العاشق لمحبوبته اثناء سفره اليها فعاد اليهما سريعا بكلمات الاغنية البديعة : (اجري اجري) !
فإنبهر الإثنان بذلك الشاعر العبقري الشاب (حسين السيد) والذي اصبح من بعد ذلك التوأم الفني لموسيقار الاجيال ! علي مر الاجيال !
تلك القدرة الفذة علي (الإبداع العفوي ) هي (أولي) ملامح العبقرية للشاعر الكبير و قد تكررت في رائعته (ست الحبايب) التي ابدعها لوالدته وهو يصعد السلالم اليها يوم (عيد الأم) فلحنها و غناها (النهر الخالد) بأعجاز نادر !
أما مقدرته الإبداعية (الثانية) والتي ربطت بينه و بين
(موسيقار الاجيال) طول العمر فهي قدرته الفذة في الكثير من أعمال (عبدالوهاب) الذي كان يأتيه الخاطر الموسيقي فجأة علي كتابة كلمات تتناسب (موسيقياُ) مع موسيقي (عبدالوهاب) و كان يفعل ذلك بكل عبقرية شعرية لا تقل عن عبقرية أستاذه الموسيقية !
أما (ثالث ) ملامح عبقريته فهي إبتكاره لمفهوم (الدراما) في الغناء العربي ! أي الأغنية (القصة) و بدأها برائعة (شادية)، (الموجي) : مين قالك تسكن في حارتنا تشغلنا و تقل راحتنا !
و استفادت منه في ذلك العظيمة (نجاة) في رائعة (عبدالوهاب) : ساكن قصادي و بحبه !
و (نجاح سلام ) في
(عايز جواباتك ) و (وردة ) (ذكريات حب الطفولة )
و (شريفة فاضل) :
فلاح كان فايت بيغني من جنب السور !
و (حليم ) في رائعة (عبدالوهاب) : فاتت جنبنا !
و (محمد فوزي) في رائعتيه
(ذهب الليل) و (ماما زمانها جاية ) و الأخيرة قصتها حقيقية فقد كان الراحل أباً عطوفاً حنوناً و قال تلك الكلمة لإبنه الطفل هو يهدهده في إنتظار حضور والدته فصارت أغنية خالدة !
و قد أبدع الراحل في الأغنيات (الوطنية) ابداعاً لا حدود له بتوقيع موسيقار الأجيال مثل
(دقت ساعة العمل) .
(الجيل الصاعد) .
(صوت الجماهير )
(كل أخ عربي أخي) و الأخيرة مزج فيها بعبقرية بين الفصحي و العامية !
أما (خامس) مايميز إبداعه هو (عبقرية المعني) الذي يتحول من مجرد بيت شعر في أغنية (خاصة) إلي مثل (عام) يصلح لكل زمان مثل
(عشق الروح مالوش آخر . لكن عشق الجسد فاني) .
و(ياما جرح الورد أيادي حتي الجناينية) .
و (تراعيني قيراط أراعيك
قيراطين ) .
هذا بالإضافة إلي نحته للقب جديد للأم أصبحنا جميعاً ننادي به أمهاتنا و هو (ست الحبايب) !
و (سادس) مايميز ذلك الفنان العبقري هو إعتزازه الشديد بنفسه و بفنه و قد كان ذلك من أهم الأسباب التي جعلت (أم كلثوم) لم تغن له أغنية واحدة مدي حياتها رغم أن جميع المطربين و المطربات قد تغنوا بروائعه !
فقد حذره أستاذه (عبدالوهاب) من أن
(أم كلثوم) تغير كثيراً في الكلمات و هو مايرفضه تماماً لإعتزازه الشديد و عن حق بفنه !
الأغنية الوحيدة التي لم تعترض (أم كلثوم) علي كلماتها كانت رائعة (عبدالوهاب) (شكل تاني حبك إنت شكل تاني) وقد أعجبتها كما هي بدون تعديل و طلبت فقط من (حسين السيد) إضافة كوبليه آخر لها و كاد أن يتم أول لقاء بينها و بين شاعرنا الجميل بتوقيع (عبدالوهاب ) لولا أن بعض
(أولاد الحلال) سربوا خبر أن تلك الأغنية في الأصل (لنجاة) فرفضت (أم كلثوم) أن تغني أغنية لم تكن مكتوبة لها من البداية !
و كاد أن يتم اللقاء مرة أخري بتوقيع (عبدالوهاب) كالعادة لولا أن (أم كلثوم) طلبت تغيير بعض الكلمات فرفض شاعرنا الجميل فذهبت الأغنية إلي (وردة ) و كانت رائعة (في يوم و ليلة ) !
أما (سابع) عجائبه التي لا تنتهي فهي أن ذلك الشاعر العبقري الذي كتب (عاشق الروح) و (بفكر في إلي ناسيني) و(الحبيب المجهول) و (الوطنيات الوهابية) العظمي و (جبار) و (مرسال الهوي) يتمتع بخفة ظل مذهلة لا يمكن تصديقها !
فيكفي أن تعرف أنه هو من كتب معظم (سكتشات)
(ثلاثي أضواء المسرح) الفكاهية و منها (شالوا ألدو حطو شاهين ! ألدو قال مانتوش لاعبين )
و منها (الأوبريت الوهابي) الخالد (إلي يقدر علي قلبي ) ! و فيه علي لسان (إسماعيل ياسين) :
(شكلي صحيح مالوش دوا !
لكن إختصاصي في الهوي ! ) .
و (عزيز عثمان) :
(سيبك منهم دا مفيش غيري ! قيمة و مركز و وظيفة ميري ! ) و دويتو (عبدالوهاب) و (راقية إبراهيم) : (حكيم عيون) و دويتو (عيني بترف) و الرائعة(ليلي مراد ) تقول : عايزة أغني ! عايزة ارقص ! عايزة أبوسك مش عارفة ليه !؟ فيجيب (الريحاني) مستنجداً : (يالطيف يالطيف ! ) أما قمة خفة الظل التي وصل إليها و لا أعتقد أن يصل إليها غيره فجاءت في رائعة (شادية) بتوقيع العبقري
(محمد الموجي)
(مين قالك تسكن في حارتنا تشغلنا و تقل راحتنا !)
حين تشكو شادية من إنشغالها بجارها و سرحانها فيه :
(ييجي أبويا يعوز فنجان قهوة أعمل له شاي و أسقيه لأمي !
و خيالك ييجي علي سهوة مافرقش مابين خالتي و عمي ! ) .
لقد إلتقي (حسين السيد) مع موسيقار الأجيال (محمد عبدالوهاب ) في فيلم
(يوم سعيد ) !
فأصبح لقائهما هو (اليوم السعيد) الذي إمتزجت فيه عبقريته الشعرية بإبداع و إعجاز (عبدالوهاب) الصوتي و اللحني ليصبح لقب (حسين السيد ) ليس فقط السيد بين الأسماء بل أيضاً السيد بين الشعراء !