السبت 6 مايو 2023 11:42 صباحاً - بعد أن استطاعت كل من إيطاليا وتركيا تأمين حصصهما من النفط في ليبيا، تسارع الإدارة الأمريكية لدفع شركاتها لعقد صفقات وجني أرباح واستثمارات في هذا البلد الذي قوضت استقراره على مدار السنوات 12 السابقة، مغذية بذلك الفساد المستشري غربي ليبيا، على حساب مصلحة المواطن الليبي.
فقد استطاع الدبيبة بعد تنصيبه لـ “بن قدارة” رئيسًا لمجلس المؤسسة الوطنية للنفط، توقيع سلسلة من اتفاقيات التعاون النفطية مع كل من تركيا وإيطاليا، وحتى بشكل أبسط مع الإمارات العربية المتحدة، الأمر الذي استدعى المدعي العام لفتح تحقيقات عديدة تتعلق بالصفقات النفطية.
كما دفع بالقضاء الليبي لإيقاف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع تركيا، ودفع بوزير النفط محمد عون للتنديد بالاتفاقية النفطية مع إيطاليا، كون جميع الاتفاقيات حملت بين طياتها شبهات فساد وبنودًا مبهمة ومثيرة للشك.
والآن جاء الدور على الولايات المتحدة الأمريكية لاقتطاع حصتها من الثروات الليبية، فأمريكا تفقد هيمنتها تدريجيًا في العديد من مناطق العالم لصالح روسيا والصين، وتعاني من مشاكل اقتصادية داخلية، منها سلسلة إفلاس ضربت العديد من بنوكها، بالتزامن مع بروز أزمة عميقة بين البرلمان الأمريكي والإدارة الحالية للرئيس جو بايدن، متعلقة برفع سقف الديون للحكومة التي تواجه إفلاسًا وعجزًا عن تسديد ديونها الخارجية، ما ينعكس سلبًا على قيمة الدولار في العالم.
حيث سارعت شركتان أميركيتان وأبرمتا صفقتين لتطوير حقل نفطي وسط ليبيا، وتشييد مصفاة نفطية في الجنوب الغربي، ووفق صحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن كلا من شركتي “هاليبرتون” و”هانيويل إنترناشونال” الأميركيتين، أبرمتا صفقات مشبوهة يصل إجمالي قيمتها 1.4 مليار دولار مع المؤسسة الوطنية للنفط.
والعملاق النفطي الأميركي هاليبرتون، سيتولى تطوير حقل الظهر النفطي في محافظة سرت (وسط)، بقيمة مليار دولار، بينما تحدثت الصحيفة الأميركية عن مشروع تشييد شركة هانيويل مصفاة نفط في الجنوب الغربي بقيمة 400 مليون دولار، في حين تقول مؤسسة النفط إن تكلفة المشروع تتراوح ما بين 500 و600 مليون دولار.
هذه الصفقات تعزز الهيمنة الأمريكية على عملية صنع القرار في البلاد، وبما أنها تدعم شخصيات فاسدة في السلطة، فهي تؤثر أيضًا على حياة المواطنين الليبين، الذين يعانون الأمرين من السياسات الامريكية، التي لم ينتج عنها سوى حروب أهلية وإثراء للفساد وسرقة لخيرات بلادهم النفطية.
فقد رصدت تقارير ديوان المحاسبة منذ وصول الدبيبة إلى السلطة، العديد من التجاوزات والمخالفات المالية وعمليات تلاعب وهدر للمال العام واختلاس عائدات النفط، ارتكبتها الكثير من مؤسسات الدولة التابعة له، من بينها ديوان رئاسة الوزراء، وحتى المصرف المركزي، الذي لطالما طالب العديد من الشرفاء تنحية محافظه الصديق الكبير، الذي يشغل منصبه منذ بداية الأزمة بالرغم من الرياح العاتية والتقلبات السياسية والحراكات الشعبية التي طالت الحكومات المتعاقبة والنخب السياسية.
عبد الحميد الدبيبة وحليفيه محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط، فرحان بن قدارة، هم الشخصيات الرئيسية التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية والتي تضمن لها مصالحها في هذا البلد الغني بالنفط، والسماح لهم بعقد الصفقات في كل حدب وصوب، وتجاهل البرلمان الليبي، ليس إلا جزءًا من حملتها للهيمنة على ليبيا على حساب الشعب الليبي.