ياسر الجرجورة - الرياض - الثلاثاء 18 فبراير 2025 10:26 صباحاً - عندما تلامس أقدام الزائر أزقة منطقة التراث فى إمارة الشارقة بدولة الإمارات، يجد نفسه محاطًا بعبق الماضى وأصوات الأهازيج الشعبية التى تحكى حكايات الأجداد، بين الأزقة العتيقة والأسواق التقليدية، وبين رائحة القهوة العربية ووهج الفنون التراثية، تتجلى أيام الشارقة التراثية كأحد أبرز المحافل الثقافية التراثية العالمية التى تحتفى بالموروث الإنسانى وتجمع الشعوب تحت مظلة واحدة من الفلكلور والتقاليد العريقة.
فى هذا الحدث السنوي، الذى بات منارةً عالمية لصون التراث، تنبض الشارقة بالحياة، حيث تتراقص الفرق الشعبية على إيقاعات الزمن الجميل، وتصدح المجالس بالحكايات، فيما يعكف الحرفيون على نحت التاريخ بأيديهم، مقدمين للزوار تجربة فريدة تمزج بين الأصالة والتجدد. فهنا، لا يُروى التراث كذكرى بعيدة، بل يُعاد إحياؤه بكل تفاصيله، ليظل حيًا فى الوجدان، يعبر الأجيال ويرسم ملامح الهوية الثقافية التى لا تبهت مع الزمن.
هذه المشاهد فعاليات الدورة الـ 22 من أيام الشارقة التراثية التى ستتواصل حتى 23 فبراير، فى تظاهرة ثقافية تستقطب عشاق التراث من مختلف بقاع العالم. بمشاركة 26 دولة، تحتفى الإمارة هذا العام بشعار “جذور”، فى تأكيد على أصالة الموروث وأهميته فى رسم ملامح الهوية الحضارية، وتتسع رقعة الفعاليات الممتدة بين مدينة الشارقة، خورفكان، مليحة، الحمرية، الذيد، كلباء، ودبا الحصن، حيث يجد الزائر نفسه فى رحلة استثنائية تعيد تشكيل المشهد الثقافى والتاريخى فى قالب معاصر، يجمع بين الأصالة والتجديد.
ودشن الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بحضور ولى العهد الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ونائب الحاكم الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، فعاليات الأيام التراثيةإحياء لذاكرة حية تتنفس التراث بأدق تفاصيله، فمنذ انطلاقها، شكلت أيام الشارقة التراثية منصة عالمية للحوار الثقافي، حيث لا تقتصر على إبراز الموروث الإماراتي، بل تمتد لتكون مساحة تفاعلية بين الثقافات المختلفة، ترسّخ مفاهيم التبادل الحضاري، وتعزز إدراك الجيل الجديد لقيمة التراث كجسر يصل الماضى بالحاضر، ويؤسس لمستقبل أكثر وعيًا بجذوره.
أكد الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، أن أيام الشارقة التراثية تعكس رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فى الحفاظ على التراث وتعزيز الهوية الثقافية للأجيال القادمة.
وأضاف المسلم: "منذ انطلاقتها، شكلت أيام الشارقة التراثية منصة عالمية لصون التراث الإنساني، حيث لا تقتصر على إبراز الموروث الإماراتى فحسب، بل تسهم فى مد جسور التواصل مع ثقافات العالم المختلفة. وفى هذه الدورة، تواصل الأيام تقديم تجربة ثرية تتجاوز الاحتفاليات التقليدية إلى تجربة متكاملة، تدمج بين التراث والفكر والثقافة والتفاعل الجماهيري، ضمن برامج متنوعة تناسب جميع الفئات العمرية".
وأوضح أن شعار الدورة الحالية جذور يعكس أهمية التراث بوصفه “جذورًا ثابتة تنبثق منها هويتنا وثقافتنا، وهو تجسيد لروح الانتماء والعراقة التى تثرى حاضرنا وتضيء مستقبلنا.
وتابع المسلم، "فى كل دورة من أيام الشارقة التراثية، تتجه الأنظار إلى عاصمة الثقافة العربية وهى تلبس حلتها البهية، حيث أصبحت هذه الفعالية بمثابة عرس ثقافى وتراثى يقصده الناس من مختلف أنحاء العالم، ليستمتعوا بأجوائه الزاخرة بالموروث الثقافى العريق. وتقدم الأيام لوحة تراثية متكاملة تجمع بين المعرفة والمتعة والترفيه، ما يجعلها تجربة غنية ومتجددة تعكس جوهر التراث الإماراتى ومكوناته الأصيلة".
وتحظى جمهورية مصر العربية بمشاركة فاعلة هذا العام، من خلال العروض الفنية الشعبية، التى تنقل الزائر إلى أجواء قديمة وعروض الآلات الموسيقية الصحراوية التقليدية التى تعكس ثراء الموروث. كما يشارك عدد من الباحثين المصريين فى جلسات المقهى الثقافي، لمناقشة موضوعات التراث العربى المشترك، ودوره فى تعزيز الهوية الثقافية.
ويعد المقهى الثقافى هو أحد المحطات البارزة، حيث تتحول جلساته إلى منتدى فكرى يضم نخبة من الباحثين والكتاب، يناقشون قضايا التراث والتاريخ بعمق، من خلال 18 جلسة و20 فعالية تشمل توقيع إصدارات جديدة تعزز المشهد الثقافي.
أما على صعيد المعارض، فتبرز معارض رئيسية، منها معرض “جذور” الذى يأخذ الزوار فى جولة عبر الزمن، لاستكشاف الجوانب التاريخية لإمارة الشارقة، ومعرض رحلة العطور، حيث يستعرض تاريخ صناعة العطور من الفراعنة إلى العصر الحديث، ومعرض مئة عام من المكتبات، الذى يوثق تطور المكتبات فى الشارقة منذ تأسيس المكتبة القاسمية عام 1925كما يشارك 150 حرفيًا من مختلف أنحاء العالم فى سوق الحرف التقليدية، إلى جانب 300 فنان شعبى يقدمون عروض العيالة، مما يضفى على المكان روحًا نابضة بالحياة.
ويحتضن برنامج التراث العربى مختبر اللهجات، حيث يتم توثيق ودراسة اللهجات المحلية، فى مسعى للحفاظ على التنوع اللغوي، باعتباره جزءًا من الهوية الثقافية، ولا يقتصر الحدث على العروض الترفيهية، بل يتجاوز ذلك إلى برامج معرفية تشمل ورش الخط الديواني، والتجليد اليدوي، وفنون الإيبرو، إضافة إلى حلقات النقاش التى يشارك فيها خبراء التراث من منظمة اليونسكو.
ما يجعل أيام الشارقة التراثية حدثًا استثنائيًا، ليس فقط تنوع فعالياته، بل البعد العالمى الذى يكتسبه عامًا بعد عام. فى هذه الدورة، يشارك أكثر من 26 دولة، منها مصر، و سلطنة عمان، السعودية، قطر، الكويت، البحرين، المغرب، الأردن، سوريا، العراق، فلسطين، تونس، الجزائر، لبنان، فرنسا، ألمانيا، الصين، وهولندا، مما يعكس مكانة الشارقة كمركز ثقافى عالمي.
وأشار أبوبكر الكندي المنسق العام لأيام الشارقة التراثية، إلى أن معهد الشارقة للتراث يعمل على تطوير هذه التظاهرة سنويًا، لتكون منصة تعليمية ومعرفية تحتفى بالماضي، وتحاكى الحاضر، وتواكب المستقبل.

جانب-من-العروض-

جلسات-تراثية

حاكم-الشارقة-يفتتح-الفعاليات

دكتور-عبد-العزيز-المسلم

صناعات-جريد-النخيل

عروض-النسيج

عروض-تراثية-منوعه

عروض-عادات-وتقاليد

عروض-قربة-نقل-المياه-القديمه

من-عروض-تراث-البحر

من-فعاليات-التراث