الخميس 9 يناير 2025 04:22 مساءً - متابعة بتول ضوا
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أصدر أنطونيو تورشيا، رئيس بلدية بيلكاسترو الصغيرة في جنوب إيطاليا، مرسوماً غير تقليدي يحمل عنوان “ممنوع المرض”. هذا المرسوم، الذي يحظر على سكان البلدة الإصابة بأمراض خطيرة أو التعرض لحوادث، لم يكن سوى صرخة يائسة لجذب الانتباه إلى أزمة صحية حادة تعاني منها المنطقة. هذا المقال يسلط الضوء على تفاصيل المرسوم وخلفياته وتداعياته.
تفاصيل المرسوم “المُثير”:
ينص المرسوم، الذي وقعه رئيس البلدية، على ضرورة أن “يتجنب” السكان الأمراض التي تتطلب مساعدة طبية عاجلة، وأن “يُقيّدوا” الأنشطة الخطرة مثل الخروج كثيراً أو السفر أو ممارسة الرياضة. وعلى الرغم من أن تورشيا وصف المرسوم بأنه “استفزاز فكاهي”، إلا أن هدفه كان واضحاً: لفت انتباه السلطات إلى وضع صحي مُتردٍ لا يُمكن السكوت عنه.
يأتي هذا المرسوم في ظل نقص حاد في المستشفيات والخدمات الطبية في بيلكاسترو، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 1200 نسمة. أقرب مركز طبي يقع على بعد 45 كيلومتراً، في كاتانزارو، وهو ما يُشكل صعوبة كبيرة، خاصة لسكان البلدة الذين تزيد أعمار نصفهم عن 65 عاماً.
هذه الأزمة ليست مُقتصرة على بيلكاسترو، بل هي جزء من أزمة أوسع تُعاني منها منطقة كالابريا، المعروفة بـ “رأس الحذاء” في إيطاليا، والتي تتفاقم منذ عقود بسبب مزيج من الفساد وسوء الإدارة السياسية وتدخل المافيا، ما أدى إلى غرق المستشفيات في الديون ونقص حاد في الكوادر الطبية. منذ عام 2009، أُغلق 18 مستشفى في كالابريا، ما اضطر واحداً من كل خمسة سكان للبحث عن الرعاية الطبية خارج المنطقة.
على الرغم من غرابة المرسوم، إلا أنه لقي دعماً من بعض السكان الذين رأوا فيه وسيلة “لصدم الضمائر” وإجبار القادة على معالجة الأزمة. وقد وصف أحد السكان المرسوم بأنه “استفزازي” ولكنه ضروري للفت الانتباه إلى مشكلة خطيرة.
يزيد من حدة الأزمة هجرة الأطباء الإيطاليين، حيث يهاجر أكثر من ألف متخصص كل عام بحثاً عن فرص أفضل، ما يجعل إيطاليا واحدة من أعلى معدلات هروب الكفاءات الطبية في أوروبا. في كالابريا، يوجد فقط 1700 طبيب عام لحوالي 2 مليون شخص