الثلاثاء 7 يناير 2025 01:33 مساءً - متابعة بتول ضوا
لطالما تساءل المؤرخون والعلماء عن أسوأ فترة أو عام مرّ على البشرية. بينما يتبادر إلى الأذهان سنوات شهدت حروبًا عالمية أو أوبئة مدمرة، يشير العديد من الباحثين إلى عام 536 ميلادية كبداية لفترة عصيبة للغاية. فما الذي جعل هذا العام بالتحديد مميزًا بهذا السوء؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال.
في عام 2018، وصف المؤرخ وعالم الآثار مايكل ماكورميك من جامعة هارفارد عام 536 ميلادية بأنه “بداية واحدة من أسوأ الفترات في الوجود”. لم يكن هذا التصريح اعتباطيًا، بل استند إلى أدلة تاريخية وعلمية تشير إلى سلسلة من الأحداث الكارثية التي بدأت في ذلك العام.
الشتاء البركاني: يُعتقد أن ثورانًا بركانيًا هائلًا، ربما في أيسلندا أو أمريكا الوسطى (إيلوبانغو في السلفادور)، تسبب في إطلاق كميات هائلة من الرماد والغبار إلى الغلاف الجوي. حجبت هذه المواد أشعة الشمس لمدة 18 شهرًا تقريبًا، مما أدى إلى انخفاض حاد في درجات الحرارة في جميع أنحاء نصف الكرة الشمالي. أُطلق على هذه الظاهرة اسم “الشتاء البركاني”.
المجاعة: نتيجة لانخفاض درجات الحرارة وحجب أشعة الشمس، فشلت المحاصيل الزراعية في جميع أنحاء أوروبا وآسيا والشرق الأوسط. انتشرت المجاعة على نطاق واسع، وتسببت في معاناة هائلة وارتفاع معدلات الوفيات.
الطاعون: في عام 541 ميلادية، أي بعد خمس سنوات من بداية الشتاء البركاني، ظهر وباء الطاعون الدبلي في الإمبراطورية البيزنطية، فيما يُعرف بـ “طاعون جستنيان”. انتشر الطاعون بسرعة في جميع أنحاء أوروبا وآسيا، وتسبب في وفاة ملايين الأشخاص، ما زاد الطين بلة على المجاعة والظروف المعيشية الصعبة.
لم يقتصر تأثير عام 536 على تلك الفترة الزمنية فحسب، بل امتد ليشمل السنوات والعقود اللاحقة. فقد أدت المجاعة والوباء إلى انهيار اقتصادي واجتماعي في العديد من المناطق، وتسببت في تغييرات ديموغرافية كبيرة. يُعتقد أيضًا أن هذه الفترة ساهمت في ضعف الإمبراطورية البيزنطية وتسهيل الفتوحات الإسلامية لاحقًا.
من الصعب تحديد “أسوأ عام” بشكل قاطع، حيث شهد التاريخ البشري فترات عصيبة عديدة. ومع ذلك، يُعتبر عام 536 وما تلاه فترة كارثية بكل المقاييس، حيث اجتمعت فيها الكوارث الطبيعية والأوبئة والمجاعات لتشكل تحديًا هائلًا للبشرية.