باسل النجار = الرياض في الجمعة 25 مارس 2022 02:35 مساءً - بقلم الكاتب – عصام زكريا
شخصية درامية بامتياز، كما لو أنها خارجة للتو من إحدى روايات ميلان كونديرا. بطل نبيل، حالم، أينما يذهب، ودون جهد يذكر، يحاط بحب وإعجاب النساء وصداقة وعطف الرجال.
هكذا كان زكي فطين عبد الوهاب (1955- 2022)، منذ أن التقيته للمرة الأولى عقب عرض فيلمه الأول والأخير كمخرج “رومانتيكا”، الذي شهد واحدة من أغرب القصص في تاريخ السينما المصرية، إذ دبَّت الخلافات بين مخرجه ومنتجته مي مسحال انتهت بتخليه عن الفيلم، وقيام المنتجة مع بعض الأصدقاء باستكمال توليفه، وعُرض دون حضور أو موافقة المخرج.
أول ما يلاقيك فيما يتعلق بزكي فطين عبد الوهاب هو نسبه، الذي ينتمي لاثنتين من أشهر العائلات الفنية في مصر. وهو قدر ظل يحاصره منذ طفولته وحتى مماته.
يبدأ فيلم “رومانتيكا” ببطله المخرج الشاب حسن (ممدوح عبد العليم) المعادل لأنا alter ego عبد الوهاب نفسه، داخل شقته، مستلقيًّا فوق “منامة” معلقة، مستاءً، يشرب الخمر، محاصرًا من كل الجوانب بصور عائلته: صورة عملاقة لوالده المخرج الكبير فطين عبد الوهاب تتصدر حائط شقته، وبجوارها صور لخاله منير مراد، وأخرى لعمه سراج منير، ورابعة لأبيه، وصور عائلية أخرى تضم أطفالاً، وبين هذه الصور تظهر بعض صور لأمه المطربة الكبيرة ليلى مراد بأحجام مختلفة موزعة داخل الشقة. حسن، معلقًا فوق “المنامة”، يشاهد في التليفزيون مشهدًا لليلى مراد وزوجها الأول أنور وجدي فوق دراجة بخارية تغني، والأغنية التي يتخلل صوتها المشهد كله تقول بعض كلماتها “أنت وأنا.. طايرين سوا.. معرفش رايحين فين..”. إنه المشهد الأكثر حضورًا من أفلام والدته في خياله، والذي يذكره في حوار تليفزيوني متأخر مع منى الشاذلي باعتباره أكثر ما يذكره من طفولته. كان الفيلم يعرض في التليفزيون، وخلال المشهد المذكور قبَّلت ليلى مراد خد أنور وجدي، فالتفت الطفل زكي لأبيه فطين عبد الوهاب وسأله لماذا ليس هو من على هذه الدراجة بدلاً من هذا الرجل؟!
توفي فطين عبد الوهاب في 1972، وزكي لم يزل طفلاً صغيرًا، وقد زادت وفاته من وحدة ليلى مراد وتشبثها بولديها، خاصة الأصغر زكي، سمي والدها الموسيقار الكبير.
يعترف زكي فطين في حواره سابق الذكر مع منى الشاذلي أنه كره أنور وجدي، أولاً كطفل بدافع الغيرة منه على أمه، ثم عندما علم بما فعله مع ليلى مراد من سيطرة واستيلاء على أموالها وإطلاق إشاعة أنها هربت إلى إسرائيل.
“رومانتيكا” واحد من أكثر الأفلام ذاتية وصدقًا في تاريخ السينما المصرية، بجانب كونه وثيقة اجتماعية بصرية عن القاهرة وبالتحديد “وسط البلد” في منتصف تسعينيات القرن الماضي.
يبدأ “رومانتيكا” بمشاهد طويلة، تتوزع عبر الفيلم، تستعرض شوارع ومقاهي ومطاعم وبارات وكافيتريات وسط البلد الشهيرة، حيث قضى زكي فطين، ابن حي “جاردن سيتي” العريق، حياته متسكعًا وسط مثقفي وصعاليك المدينة، حتى أصبح جزءًا منها، لسنوات طويلة جدًا، قبل أن يخفت تردده عليها، بعد أن أصبح ممثلاً معروفًا في المسلسلات التليفزيونية، ونتيجة مرضه الذي استمر لسنوات.
في واحد من حواراته يقول زكي فطين إن أباه وأمه زرعا فيه وفي أخيه أشرف التعامل ببساطة مع كل الناس، فقد خصصا يومًا في الأسبوع يذهب فيه الأخوان إلى النادي بصحبة أبناء البواب والطباخ والسفرجي ليلعب